יום ראשון, 19 באפריל 2020

- Salman Kheir - سيدنا الشيخ أبو حسن صالح أبو ملح (رضي الله عنه)

سيدنا الشيخ أبو حسن صالح أبو ملح (رضي الله عنه)
لم يشهد تاريخ البقيعة شخصيةً دينيةً مرموقةً قريبة إلى الله وأنبيائه، كشخصية المرحوم سيدنا الشيخ أبو حسن صالح أبو ملح (ر) ولد في قرية البقيعة نشأ، رحمه الله، منذ صغره على الدين والتميز في الفضيلة، قليل الكلام في غير ذكر الله، لا يرى بهجة إلا بربه، ولا يلتفت إلا لمرضاة خالقه، إذا تكلم أفاد، وإذا سكت استفاد.
توفي والده، رحمه الله وهو صغير السن، تاركا إياه مع ثلاثة أخوة غيره: يوسف, علي واحمد وأخت واحدة, فقام الشيخ صالح بأودهم وخدمتهم حتى كبروا، براءةً لذمته، ثم تركهم وتوجه إلى المحل الأزهر الشريف، البياضة في لبنان، للتعمق في كتاب الله العزيز, فختمه سريعاً ثم طرح الدنيا واشتغل بعبادة الرحمن فتفرس فيه الأعيان، وقالوا الشيخ صالح الجرماني الأول في سوريا ولبنان والشيخ صالح أبو ملح الأول في شيوخ آل أبي تراب. فعاد إلى قريته مزوداً, عالماً, معلماً ومفيداً حاذقاً، فبادر إليه المشايخ والإخوان للاستفادة. وكان، رحمه الله ذو سابق مودة مع أعيان البلاد، منهم الشيخ الجليل المرحوم أبو محمد خليل طافش من قرية كفر سميع، والشيخ الجليل المرحوم أبو قاسم محمد الفرهود من قرية الرامة، والشيخ الجليل المرحوم أبو علي محمد فارس من قرية حرفيش، وغيرهم من الأعيان. فكان رحمه الله من عظم صفاء جوهره، ونقاء سريرته وانطباع حكمة الله في قلبه، وتنوير بصيرته، يكشف الأمور ويعلمها غيباً, فكل من كان يفقد غرضاً يقصد سيدنا الشيخ صالح للمعرفة فيدله ويقضي حاجته, سيما وان الله عز وجل قد أمده من نوره وأفاض عليه من حكمته واعطاه قدرة الاستطلاعات والمكاشفات المستقبلية ، حتى اضحى مرجعاً للقاصي والداني وعنواناً للآيِب ومركزاً للإخوان .
يقال ان قبل وفاته بثلاثة أيام زاره الشيخ أبو علي فارس، فوجده يمشي في الخلوة وينشد شعر فراقي, فسأله عن غير عادة انك تنشد شعراً حزيناً فأجابه رحمه الله: بعد ثلاثة أيام سأفارق هذه الدنيا الفانية وتكون وفاتي. لأنه قال من كان قلبه وفكره مع الله دلّه الله على كل شيء, فكان الأمر كما قال في اليوم الثالث كانت وفاته وكان ذلك في عام 1324 ه, فنزل خبر الوفاة كالصاعقة على الناس حيث توافدت الوفود من كل البلاد للمشاركة بذلك اليوم المشهود وحضور جنازة الشيخ الطاهر العفيف الديّان المتبتل, وعندما حان موعد دفنه طالب بدفنه أهل قرية كسرى في بلدهم وتحيزت معهم بعض القرى بحجة انه عاش آخر عمره في كسرى وتوفي فيها, فما كان من المرحوم الشيخ أبو نايف خير الصالح خير من قرية البقيعة حيث تقدم وقال: المرحوم الشيخ أوصاني وأمنني أن ادفنه على ابني نايف في مسقط رأسه البقيعة.
فلما سمع المشايخ أعيان البلاد حديث الشيخ خير رحمه الله بالنسبة للوصية، استجابوا لكلامه وما قاله, وقد روى بعض الثقات انه عندما رفعت الجنازة لينقلوها فقد غصت الأرض بالازدحام من حضور المشيّعين الأفاضل وكان ذاك الوقت الطقس حاراً جداً وسيتم نقل الجنازة سيراً على الأقدام. فقد حصلت كرامة تليق بذلك الجسد الطاهر الشريف الذي طالما صام وصلّى وسجد وركع وتضرع وبكى إلى الله وأنبيائه حيث أظلت وغطّت ذلك الموكب الرهيب سحابة لتمنع عنهم الشمس الحارة فرافقتهم وهي فوق رؤوسهم من بلدة كسرى إلى بلدة البقيعة موقع دفن الجثمان الطاهر.
وقد تم دفنه على تلميذه المرحوم الشيخ نايف خير احتراماً وتقديرًا للوصية وقبولاً لخاطر أعيان البلاد, وقد أقاموا له حجرةً تليق بمقامه الرفيع. وكثيراً ما وفد إليه أصحاب هموم ومشاكل والذين خصّهم الله بأمراض, فينتفعون جميعاً من زيارته والتبرّك بلثم ضريحه فنسأل الله بخير رسول وأفضل مبعوث أن ينفعنا ببركاته ويمدنا بصالح دعواته..آمين.